‎في قاع المحيط الهادئ تم اكتشاف “أكسجين مظلم” غامض لا تنتجه الكائنات الحية

شيء ما في قاع المحيط الهادئ المظلم ينتج كميات كبيرة من الأكسجين، وهو أمر يصعب تصوره نظرًا لعدم وصول ضوء الشمس إلى هناك. حتى الآن، كان يُعتقد أن الكائنات الحية فقط، مثل النباتات والطحالب، قادرة على إنتاج الأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي التي تتطلب ضوء الشمس.

اكتشف العلماء هذا الظاهرة في منطقة مليئة بتكوينات معدنية قديمة وغريبة بحجم البرقوق، تسمى العقيدات متعددة المعادن. وبذلك يفترضون أن هذا “الأكسجين المظلم” لا تنتجه الكائنات الحية، بل الكتل المعدنية التي، بشكل مثير، تولد تقريباً نفس كمية الطاقة الكهربائية التي تولدها بطاريات AA.

تحتوي هذه العقيدات على معادن مثل الكوبالت، النيكل، النحاس، والمنغنيز، والتي تُستخدم في البطاريات، الهواتف الذكية، توربينات الرياح والألواح الشمسية. عندما قاس الخبراء الجهود الكهربائية على سطح الكتل، اكتشفوا اختلافات في الجهد تصل إلى 0.95 فولت. “هذا الاكتشاف مذهل، ولكنه محبط أيضاً لأنه يثير الكثير من الأسئلة ولا يقدم سوى القليل من الإجابات”، قال الكيميائي الحيوي دونالد كانفيلد من جامعة جنوب الدنمارك.

خلال البحث لاحظوا شيئاً غير عادي

“يبدو أنه على الأرض، بجانب التمثيل الضوئي، هناك مصدر آخر للأكسجين”، قال عالم البيئة أندرو سويتمن من الجمعية الاسكتلندية لعلوم البحار. رغم أن آلية إنتاج الأكسجين بهذه الطريقة لا تزال لغزاً، فإن هذا الاكتشاف قد يغير فهمنا لنشأة الحياة على الأرض، وكذلك على الكواكب الأخرى، وفقًا لما نشرته مجلة Nature.

لاحظ سويتمن وزملاؤه لأول مرة شيئاً غير عادي خلال البحث الميداني في عام 2013، عندما قاموا بدراسة النظام البيئي لقاع البحر في منطقة كلاريون-كليبرتون، وهي منطقة بين هاواي والمكسيك، حيث أنزلوا مركبة صغيرة لمعرفة كيف يؤثر التعدين على النظام البيئي لقاع المحيط.

بدون الكائنات الضوئية التي تطلق الأكسجين في الماء، كان يجب أن تنخفض تركيزات الأكسجين داخل الغرف. ولكن هذه المرة حدث العكس تماماً – ارتفع مستوى الأكسجين. في البداية، اعتقد العلماء أن أجهزتهم لا تعمل بشكل صحيح، ولكن الأمر نفسه حدث خلال الحملات الاستكشافية اللاحقة في عامي 2021 و2022.

“فجأة أدركت أنني تجاهلت لثماني سنوات هذه العملية الجديدة المذهلة التي تحدث على عمق 4000 متر تحت سطح البحر”، قال سويتمن.

الحياة على الكواكب الأخرى

أثبت الخبراء أن هذه التكوينات يمكن أن تعمل كعوامل محفزة تقسم جزيء الماء وتنتج الأكسجين الجزيئي. لاختبار الفرضية، قاموا بإعادة خلق الظروف في المختبر على متن السفينة ورصدوا عينات الكتل التي تم جمعها ولاحظوا زيادة في تركيز الأكسجين.

تعتقد عالمة الكيمياء الجيولوجية الحيوية إيفا ستيوكن من جامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة أن هذه النتائج قد تكون مفيدة في البحث عن علامات الحياة على الكواكب الخارجية (الكواكب خارج النظام الشمسي): “قد نكون الآن أكثر حذراً إذا لاحظنا غاز الأكسجين O2 على كواكب أخرى.”

أما سويتمن فيتمتع برؤية أكثر تفاؤلاً، على الأقل فيما يتعلق بنظامنا الشمسي: “إذا كانت هذه العملية تحدث على كوكبنا، فقد تحدث أيضاً على عوالم محيطية أخرى مثل قمر زحل إنسيلادوس أو أوروبا قمر المشتري؛ مما يخلق الظروف المناسبة لنشأة الحياة.”

نُشر البحث بعنوان “أدلة على إنتاج الأكسجين المظلم في قاع البحر العميق” في مجلة Nature Geoscience.

المصدر: Index.hr