هل تسببت صعودات الوشاح في زلزال المغرب؟

في 8 سبتمبر 2023، وقع زلزال مدمر في منطقة جبال الأطلس الكبير بالمغرب، بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريختر. هذا الزلزال، الذي أسفر عن خسائر بشرية ومادية جسيمة، أثار تساؤلات العلماء حول أسبابه الجيولوجية، خاصةً وأنه وقع في منطقة لم تُعرف سابقًا بنشاطها الزلزالي المرتفع.

زلزال غير متوقع في منطقة هادئة

عادةً ما تتركز الزلازل الكبيرة في المغرب في منطقة جبال الريف شمال البلاد، حيث تتقارب الصفائح التكتونية الأفريقية والأوراسية. لكن جبال الأطلس الكبير، الواقعة جنوب هذه المنطقة، تشهد تقاربًا أبطأ بكثير، بمعدل أقل من ملليمتر واحد في السنة، مما يجعل حدوث زلزال قوي هناك أمرًا غير متوقع نسبيًا.

هذا الهدوء النسبي، الذي استمر لعقود منذ زلزال أغادير عام 1960، ربما ساهم في قلة الاستعداد لدى البنى التحتية المحلية لمثل هذا النوع من الكوارث.

ما علاقة صعودات الوشاح؟

تشير دراسة حديثة نشرتها مجلة Nature Communications إلى أن ما يُعرف بـ”صعودات الوشاح” قد تكون سببًا رئيسيًا في الزلزال. هذه الظاهرة تحدث عندما تتحرك مواد ساخنة من الطبقات العميقة للأرض نحو السطح، مما يؤدي إلى تشوه القشرة الأرضية من الأسفل.

بحسب الباحثين، فإن هذه الصعودات تفسر جزئيًا كيف تشكّلت جبال الأطلس الكبير، إذ أنها ترفع القشرة الأرضية ببطء على مدى ملايين السنين، دون الحاجة إلى تصادم مباشر بين الصفائح التكتونية.

نتائج الدراسة: عمق غير معتاد

اعتمد العلماء على بيانات من محطات رصد الزلازل وأقمار صناعية لقياس تشوهات الأرض. وقد وجدوا أن مركز الزلزال كان على عمق يقارب 26 كيلومترًا، مع تسجيل هزات ارتدادية بين أعماق تراوحت بين 12 و36 كيلومترًا. هذا العمق كبير نسبيًا مقارنة بزلازل تقليدية تقع قرب سطح الأرض، ما يدعم فرضية أن الزلزال نشأ نتيجة لضغوط ناتجة عن صعودات الوشاح وليس فقط عن حركة الصفائح.

كما وجد العلماء أن الزلزال تسبب في تحوّل في منطقة “موهو”، وهي الطبقة الفاصلة بين القشرة الأرضية والوشاح، والتي تقع على عمق 32 كيلومترًا تقريبًا.

تحديات تقييم الخطر الزلزالي

تشير هذه النتائج إلى ضرورة توسيع نطاق تقييم المخاطر الزلزالية ليشمل العوامل الجيولوجية العميقة داخل الصفائح التكتونية، وليس فقط التركيز على حدود الصفائح المعروفة. فحتى المناطق التي تبدو هادئة جيولوجيًا قد تكون عرضة لزلازل مدمرة بسبب عمليات تحدث في أعماق الأرض.

كما يدعو العلماء إلى تحسين أنظمة الرصد الزلزالي في مناطق مثل جبال الأطلس، التي تتميز ببنية جيولوجية معقدة ونشاط زلزالي غير متكرر، لكنه قد يكون كارثيًا.

الخاتمة

زلزال المغرب الأخير قد يكون بمثابة تذكير بأن فهمنا للزلازل لا يزال ناقصًا، خاصةً فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه الظواهر الجيولوجية العميقة مثل صعودات الوشاح. هذه الاكتشافات تؤكد أهمية إعادة النظر في خرائط المخاطر الزلزالية وتحسين قدرات التنبؤ والاستجابة، حتى في المناطق التي لا تُعد تقليديًا نشطة زلزاليًا.