تشير دراسة حديثة إلى أن الأنظمة الشمسية التي تتبع ترتيبًا مشابهًا لنظامنا – حيث توجد كواكب صخرية صغيرة بالقرب من النجم وكواكب غازية عملاقة في الأطراف – قد تكون أكثر شيوعًا في الكون مما كان يعتقد سابقًا. هذا الاكتشاف يعيد إشعال التساؤلات حول مدى تفرّد كوكب الأرض ونظامه الشمسي، ويفتح آفاقًا جديدة في البحث عن الحياة خارج كوكبنا.
الأنظمة الشمسية وتنوعها
منذ اكتشاف أول كوكب خارجي في تسعينيات القرن الماضي، اكتشف الفلكيون آلاف الأنظمة الكوكبية التي أظهرت تنوعًا هائلًا في تكوينها وترتيبها. بعض الأنظمة تحتوي على كواكب عملاقة قريبة جدًا من نجمها (تعرف بـ “المشتريات الحارة”)، وأخرى تتميز بترتيبات مضغوطة وفوضوية لكواكب متعددة.
في المقابل، يتميز نظامنا الشمسي ببنية واضحة ومنظمة: كواكب صخرية مثل الأرض والمريخ في الداخل، وكواكب غازية مثل المشتري وزحل في الخارج. هذه البنية “الهرمية” يُعتقد أنها ساهمت في الاستقرار طويل الأمد للنظام، وربما في ظهور الحياة على الأرض.
نتائج الدراسة الجديدة
في الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في مجلة Nature Astronomy، قام فريق بحثي من معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي بتحليل بيانات أكثر من 850 نظامًا كوكبيًا متعدد الكواكب. ووجدوا أن حوالي ثلث هذه الأنظمة تظهر ترتيبًا مشابهًا للنظام الشمسي، وهو ما يُعرف بـ “الترتيب الهرمي”، حيث تكون الكواكب الداخلية أصغر كتلة من الكواكب الخارجية.
هذا الاكتشاف يشير إلى أن ما كان يُعتقد سابقًا أنه نادر، قد يكون في الواقع شائعًا، لا سيما حول النجوم الشبيهة بالشمس.
ما الذي يفسر هذا النمط؟
يرجّح الباحثون أن السبب في هذا الترتيب يعود إلى طبيعة تكوّن الكواكب في أقراص الغاز والغبار المحيطة بالنجوم حديثة الولادة. تميل المواد الثقيلة إلى التجمع بالقرب من النجم لتشكيل الكواكب الصخرية، بينما تتشكل الكواكب الغازية في المناطق الأبعد حيث تكون درجات الحرارة أقل وتتوفر الغازات بكثافة.
علاوة على ذلك، وجود كوكب عملاق مثل المشتري في موقع مناسب يمكن أن يثبت مدارات الكواكب الصخرية ويمنع انجرافها نحو النجم، مما يُوفر بيئة مستقرة قد تسمح بظهور الحياة.
ماذا عن احتمالات الحياة؟
رغم أن هذه الأنظمة قد تكون شائعة، إلا أن وجود كوكب بحجم الأرض في “المنطقة الصالحة للسكن” لا يزال عاملاً حاسمًا. كما أن استقرار النظام ومدى غياب الأحداث الكارثية (مثل الاصطدامات الكبرى أو الانجرافات المدارية) تُعد من العوامل المهمة أيضًا.
ومع ذلك، فإن العثور على أنظمة شمسية تشبه نظامنا يُعزز من احتمال وجود كواكب تشبه الأرض، وهو ما يشكل هدفًا رئيسيًا لعلماء الفلك والبعثات الفضائية القادمة.
الخاتمة
تؤكد هذه الدراسة أن نظامنا الشمسي ليس استثناءً نادرًا في الكون كما كنا نعتقد، بل قد يكون جزءًا من نمط شائع. هذا يعزز الأمل في العثور على عوالم مشابهة لكوكب الأرض، وربما حتى آثار حياة. وبينما تتطور تقنيات رصد الكواكب الخارجية، قد لا يكون اكتشاف “أرض أخرى” سوى مسألة وقت.