يد بيونية متكاملة مع النظام العصبي والهيكل العظمي: قفزة نوعية في الأطراف الصناعية

في إنجاز علمي مذهل، نجح الباحثون في تطوير يد بيونية متقدمة تتكامل مع النظام العصبي والهيكل العظمي، مما يسمح لمستخدميها بالتحكم فيها كما لو كانت طرفًا طبيعيًا. هذه التقنية الثورية لا تعزز راحة المستخدم وتحكمه فحسب، بل تقلل أيضًا من آلام الأطراف الوهمية، التي يعاني منها العديد من مبتوري الأطراف.

قصة كارين: من الألم إلى الأمل

عانت كارين، وهي مريضة فقدت ذراعها اليمنى في حادث زراعي منذ أكثر من 20 عامًا، من آلام شديدة في الطرف الوهمي، مما أثر سلبًا على حياتها اليومية. كانت الأطراف الصناعية التقليدية غير مريحة وصعبة الاستخدام، مما دفعها للبحث عن بدائل أكثر تطورًا.

ولكن مع التقنية البيونية الجديدة، تغيرت حياتها بالكامل. حصلت على طرف صناعي متصل مباشرة بعظامها وأعصابها، مما سمح لها بالتحكم فيه بشكل طبيعي طوال اليوم، وشعرت بانخفاض ملحوظ في الألم. تقول كارين:

“هذه التقنية لم تحسن فقط قدرتي على استخدام يدي الصناعية، ولكنها جعلت حياتي أفضل بكثير من حيث الراحة وتقليل الألم.”

كيف تعمل هذه اليد البيونية؟

1. دمج الأطراف الصناعية بالعظام

• تستخدم هذه التقنية تكامل العظام، حيث يتم زرع الطرف الصناعي داخل العظم مباشرة، مما يوفر ثباتًا وراحة أكبر من الأطراف التقليدية.

• على عكس الأطراف الصناعية العادية، لا تحتاج إلى أحزمة أو تجهيزات خارجية، مما يسمح للمستخدم بارتدائها لفترات طويلة دون انزعاج.

2. التحكم العصبي المباشر

• يتم زرع أقطاب كهربائية داخل الأعصاب والعضلات المتبقية، مما يسمح بإرسال إشارات عصبية مباشرة إلى الطرف الصناعي.

• هذا يعني أن المستخدم يستطيع تحريك اليد بمجرد التفكير في ذلك، تمامًا كما كان يفعل مع يده الطبيعية.

3. تقليل آلام الأطراف الوهمية

• من خلال إعادة توجيه الأعصاب والعضلات إلى الطرف الصناعي، يتم خداع الدماغ ليشعر بأن اليد ما زالت موجودة، مما يساعد في تقليل آلام الطرف المفقود بشكل كبير.

إنجاز علمي بقيادة فريق دولي

تم تطوير هذه التقنية من قبل فريق بحثي متعدد التخصصات، بقيادة البروفيسور ماكس أورتيز كاتالان من معهد البيونيات في أستراليا، وبمشاركة خبراء من جامعة غوتنبرغ ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT).

يقول كاتالان:

“كارين هي أول شخص يحصل على يد بيونية مدمجة بالكامل مع عظامها وأعصابها. بعد سنوات من الاستخدام المستمر، أثبتت هذه التقنية أنها ليست فقط عملية، ولكنها أيضًا تغير حياة المستخدمين للأفضل.”

التحديات التقنية والحلول المبتكرة

1. التغلب على مشاكل تثبيت الأطراف

• كان من الصعب تطوير طريقة تسمح للطرف الصناعي بالاندماج بشكل طبيعي مع الجسم دون التسبب في التهابات أو عدم استقرار.

• تم حل هذه المشكلة باستخدام مواد طبية متطورة وتقنيات جراحية متقدمة تسمح بتفاعل طبيعي بين العظم والطرف الصناعي.

2. تحسين التحكم العصبي

• تطوير الأقطاب الكهربائية المزروعة كان تحديًا رئيسيًا، حيث كان لا بد من جعلها تعمل لفترات طويلة دون فقدان الإشارة.

• من خلال تحسين التوصيل الكهربائي والتكامل العصبي، أصبح بالإمكان التحكم بالطرف الصناعي بدقة غير مسبوقة.

مستقبل الأطراف البيونية: ماذا بعد؟

1. توسيع نطاق الاستخدام

• يسعى الباحثون إلى إتاحة هذه التقنية للمزيد من المرضى حول العالم، مما قد يحسن حياة الآلاف من مبتوري الأطراف.

2. تطوير الإحساس اللمسي

• يعمل العلماء حاليًا على إضافة حساسات للّمس في اليد البيونية، بحيث يمكن للمستخدم الشعور بالأشياء التي يلمسها الطرف الصناعي، مما يجعله أكثر طبيعية في الاستخدام اليومي.

l

3. تحسين الذكاء الاصطناعي في الأطراف الصناعية

• يتم دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذه الأطراف، بحيث يمكنها التعلم من حركات المستخدم والتكيف مع أنماط استخدامه، مما يسهل عملية التحكم فيها.

خاتمة: خطوة جديدة نحو مستقبل بيوني متكامل

تمثل هذه اليد البيونية نقلة نوعية في مجال الأطراف الصناعية، حيث تجمع بين التقنيات العصبية المتقدمة، والمواد الطبية الحديثة، والذكاء الاصطناعي، مما يمنح المستخدمين إحساسًا حقيقيًا بالتحكم والراحة.

مع استمرار الأبحاث والتطورات، قد يصبح فقدان الأطراف يومًا ما عائقًا يمكن التغلب عليه بسهولة، بفضل التكنولوجيا التي تربط الإنسان والآلة بشكل غير مسبوق.

اترك تعليقاً