كثير منا يستيقظ في الصباح مع شعور غامض بأنه كان يحلم بشيء ما، ولكن سرعان ما تتلاشى تفاصيل الحلم من ذاكرتنا. هذه الظاهرة شائعة، وقد سعى العلماء إلى فهم الأسباب العلمية وراء نسيان الأحلام بسرعة بعد الاستيقاظ. تشير الأبحاث إلى أن هناك عدة عوامل عصبية ونفسية تلعب دورًا في هذه العملية، مما يساعد في تفسير لماذا نتذكر بعض الأحلام بينما تختفي معظمها من وعينا.
كيف يعمل الدماغ أثناء النوم؟
تحدث الأحلام بشكل رئيسي خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، وهي المرحلة التي يكون فيها الدماغ نشطًا بشكل يشبه حالة اليقظة. ومع ذلك، هناك فرق مهم:
• أثناء مرحلة REM، تكون المناطق المسؤولة عن نقل المعلومات إلى الذاكرة طويلة الأمد، مثل الحُصين (hippocampus)، أقل نشاطًا، مما يؤدي إلى صعوبة تخزين الأحلام بشكل دائم.
• في المقابل، يكون النشاط في المناطق المرتبطة بالمشاعر والتخيل، مثل القشرة البصرية والفص الجبهي، مرتفعًا جدًا، مما يفسر الطبيعة الحية والعاطفية للأحلام.
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Science عام 2019، فإن النوم العميق يلعب دورًا في تعزيز الذكريات طويلة الأمد، لكن الأحلام نفسها قد لا تخضع لنفس عمليات التثبيت التي تمر بها الذكريات الحقيقية.
كيف يؤثر النوم على تذكر الأحلام؟
تعتمد قدرتنا على تذكر الأحلام بشكل كبير على مدة وجودنا في مرحلة REM، والتي تتكرر كل 90 دقيقة تقريبًا أثناء النوم وتزداد مدتها مع تقدم الليل.
• إذا كنت تنام لفترات قصيرة (أقل من 6 ساعات)، فإنك تحصل على وقت أقل في مرحلة REM، مما يقلل من فرص تذكر الأحلام.
• إذا استيقظت أثناء أو بعد مرحلة REM مباشرة، فمن المرجح أن تتذكر الحلم مقارنة بالاستيقاظ بعد مراحل النوم العميق.
لماذا يتذكر البعض أحلامهم أكثر من غيرهم؟
توجد فروق فردية في تذكر الأحلام، حيث يميل بعض الأشخاص إلى تذكر أحلامهم بشكل متكرر بينما يواجه آخرون صعوبة في استرجاع أي تفاصيل.
• الأشخاص الأكثر انفتاحًا وإبداعًا يميلون إلى تذكر الأحلام أكثر من غيرهم.
• الذين يملكون أنماط نوم مضطربة، مثل الذين يستيقظون عدة مرات خلال الليل، لديهم فرص أعلى لتذكر الأحلام لأنهم يخرجون من مرحلة REM بشكل متكرر.
• الأشخاص القادرون على الدخول في حالة تنويم مغناطيسي بسهولة يميلون إلى استرجاع أحلامهم بمزيد من التفاصيل.
كيف يمكن تحسين تذكر الأحلام؟
إذا كنت ترغب في تحسين قدرتك على تذكر أحلامك، يمكنك اتباع بعض الخطوات البسيطة:
1. احصل على قسط كافٍ من النوم
• حاول النوم لمدة 7-9 ساعات يوميًا لضمان قضاء وقت كافٍ في مرحلة REM.
2. استيقظ بهدوء
• تجنب الاستيقاظ المفاجئ بسبب المنبهات الصاخبة، لأن ذلك قد يمحو الأحلام فورًا من الذاكرة.
3. احتفظ بمفكرة أحلام
• ضع دفترًا بجانب سريرك واكتب أي تفاصيل تتذكرها فور الاستيقاظ، حتى لو كانت مجرد مشاعر أو مشاهد متفرقة.
4. فكر في أحلامك قبل النوم
• ذكّر نفسك أنك ترغب في تذكر أحلامك قبل النوم، فقد يساعد هذا في زيادة وعيك أثناء الحلم.
خاتمة: الأحلام جزء من تجربة الدماغ المعقدة
رغم أن نسيان الأحلام أمر شائع وطبيعي، فإن العلماء لا يزالون يدرسون كيفية تخزين الدماغ لهذه التجارب الليلية وكيفية استرجاعها. من خلال فهم كيفية عمل النوم والذاكرة، يمكننا تحسين قدرتنا على تذكر الأحلام واستكشاف عالم اللاوعي بشكل أكثر وضوحًا.