‎دراسة تكشف طريقة جديدة لمكافحة السمنة والسكري من النوع الثاني

تُعد السمنة أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالسكري من النوع الثاني وأمراض مزمنة أخرى، التي من المتوقع أن تتسبب في وفاة المزيد من الأشخاص حول العالم هذا العام مقارنة بفيروس كورونا المستجد. استجابةً لهذه الأزمة الصحية المتزايدة، قام علماء من كلية الطب بجامعة هارفارد بتطوير علاج خلوي واعد يمكن أن يكون أداة قوية في مكافحة السمنة والأمراض المرتبطة بها.

وقد قاد الدراسة الباحث يو-هوا تسانغ، ونُشرت في مجلة Science Translational Medicine. تقدم الدراسة نهجًا جديدًا لعلاج السمنة باستخدام الخلايا الدهنية المعدلة وراثيًا. يرتكز هذا العلاج المبتكر على تحويل الخلايا الدهنية البيضاء، التي تخزن الطاقة عادةً، إلى خلايا دهنية شبيهة بالبنية البنية، المعروفة بقدرتها على حرق الطاقة وتقليل مستويات الجلوكوز والدهون الضارة في الدم.

الخلايا الدهنية البنية هي نوع خاص من الخلايا الدهنية التي تولد الحرارة من خلال حرق السعرات الحرارية، على عكس الخلايا الدهنية البيضاء التي تخزن الطاقة. هذه العملية لا تساعد فقط في الحفاظ على درجة حرارة الجسم، بل تلعب أيضًا دورًا حيويًا في تنظيم مستويات السكر والدهون في الدم. لكن للأسف، يعاني الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة من قلة هذه الخلايا البنية، مما يزيد من مشاكلهم الأيضية.

لمواجهة هذه المشكلة، طور فريق البحث خلايا دهنية بشرية معدلة وراثيًا تُسمى خلايا “هامبل” (HUMBLE)، وهي خلايا دهنية بيضاء تم تعديلها لتتصرف مثل الخلايا الدهنية البنية. تم تحقيق هذا التحول باستخدام نسخة معدلة من نظام تحرير الجينات CRISPR-Cas9 لزيادة التعبير عن جين يسمى UCP1، المسؤول عن تحويل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا شبيهة بالبنية البنية.

في التجارب، قام الباحثون بزرع هذه الخلايا المعدلة في فئران تفتقر إلى جهاز مناعي. وعملت الخلايا المزروعة بشكل مشابه للخلايا الدهنية البنية الطبيعية في الفئران. أظهرت الفئران التي تلقت هذه الزرعات تحسنًا كبيرًا في حساسية الأنسولين وقدرة أفضل على التخلص من الجلوكوز من الدم، وهما عاملان حيويان يتأثران في السكري من النوع الثاني. بالإضافة إلى ذلك، اكتسبت هذه الفئران وزنًا أقل مقارنة بالفئران التي تلقت زرعات من الخلايا الدهنية البيضاء العادية، وحافظت على وزن مشابه للفئران التي أعطيت زرعات من الخلايا الدهنية البنية.

ومن الاكتشافات المدهشة أن الفوائد الملاحظة كانت نتيجة للإشارات التي أرسلتها خلايا “هامبل” المزروعة إلى الخلايا الدهنية البنية الموجودة بالفعل في أجسام الفئران، مما يشير إلى أن هذه الخلايا لم تعمل فقط بشكل مستقل بل ساعدت أيضًا في تعزيز نشاط الخلايا البنية الطبيعية.

إذا استمرت تقنية “هامبل” في إظهار نتائج واعدة في الأبحاث المستقبلية، فقد تؤدي إلى تطوير علاج جديد للسمنة واضطرابات التمثيل الغذائي المرتبطة بها. يتمثل الإجراء المتصور في أخذ عينة صغيرة من الخلايا الدهنية البيضاء للمريض، وعزل الخلايا السلفية، وتعديلها لزيادة تعبير UCP1، ثم إعادة إدخال الخلايا المعدلة إلى جسم المريض. ستعمل هذه الخلايا على تحسين الصحة الأيضية بزيادة قدرة الجسم على حرق الدهون وتنظيم مستويات السكر في الدم.

تكتسب هذه الأبحاث أهمية خاصة في ظل الوضع الصحي العالمي الحالي، حيث أظهرت جائحة COVID-19 المخاطر المتزايدة التي يواجهها المصابون بالسكري والسمنة. ورغم التحديات التي تفرضها الجائحة، يواصل فريق البحث عمله المهم، بهدف تطوير علاجات فعالة يمكن أن تحسن صحة وحياة ملايين الأشخاص حول العالم.

الاحتمالات التي تتيحها خلايا “هامبل” لمكافحة السمنة والسكري من النوع الثاني تمثل تطورًا مثيرًا في مجال البحوث الطبية. وإذا نجحت، قد يمثل هذا العلاج نقلة نوعية في مواجهة اثنين من أكثر الحالات الصحية انتشارًا وخطورة في عصرنا الحالي.

المصدر: Knowridge.com